يمنــــات

بعد عودة المقاتلين من سوريا شبح تحويل دماج صعدة الى درعا

يمنات – YNA – طالب الحسني

من جديد ، يعاد فتح ملف دماج  الذي تحتشد تحته كثير من الملفات المشبوهة والتي تأتي في  قلب الصراع الاقليمي الذي يحمل  ( الاقتتال المذهبي )  كرأس حربة في معركة هي في الاساس  معركة مصالح ومكاسب سياسية  تعتمد على استراتيجية  تغيير شامل لطبيعة العلاقات السياسية والدينية  وحتى الاجتماعية  وصولا الى تغيير طبيعة العلاقات الجغرافية  في دول المنطقة وهو ما أطلق عليه  " شرق اوسطي جديد"

المخاض رقم واحد

وعلى كل الاحتمالات  فان اليمن  جزء من المسار  الذي يراد تحريكه  باتجاه  اكتمال تكوين أعمدة التغيير وفق الرؤية الامريكية والاوروبية  وليس وفق الارادة الشعبية،  والتآمر  على مسار الثورات العربية وحرفها  واغتيالها  دليل واضح ، وما حدث بعد الثورة السلمية في اليمن  من تصاعد سريع وغير متوقع لأنصار الله ( الحوثيين ) وبروزهم كقوة  سياسية واجتماعية ودينية و حتى عسكرية اذا صح التعبير (باعتبار حركتهم   خاضت 6حروب متتالية ) وبالتالي فانه   لا يمكن تجاوزهم  .

 وجد  مهندسو  تشكيل شرق اوسطي جديد  بغيتهم   في  افتعال  صراع  يقوم على  قذارة الحرب المذهبية والطائفية  العنيفة  وهي  الوسيلة الاكثر  استخداما  منذ غزو العراق  وما يجري حاليا في سوريا  بعد أن كشفت الحقائق أن القول بوجود ربيع ثوري فيها  كذب محظ  فما من ربيع سوى ربيع الفتنة الطائفية والاقتتال المذهبي الذي ربما سيتلاشى  وينتقل الى مكان آخر  وليس بعيد أن يكون هذا المكان  هو اليمن  بحسب كثير من المراقبين والسياسيين . ويؤيد ذلك عودة العشرات من المقاتلين الذي كانوا  قد خاضوا  تدريبات عسكرية  في مكان  ما في اليمن وتحت تغطية  من حزب الاصلاح  قبل ان ينتقل هؤلاء الى سوريا  كما أن عودتهم  تشير الى هزيمتهم في سوريا ولكن  في المقابل  ايضا تفتح الحديث عن انتقال  لإذكاء الصراع  الطائفي  والمذهبي في اليمن.

والملفت ان هذه الخطوات المدروسة تتماشى خطوة بخطوة مع  خطوات  أمريكية  تقرأ  من أكثر من جانب أنها تأتي في مصلحة   هذه الجماعات التكفيرية  يضاف الى ذلك ملف الاجانب  الذين تقاطروا بشكل ملفت في الآونة الاخيرة الى اليمن وبالتحديد الى منطقة دماج في محافظة صعدة التي يراد لها وفق مخطط  امريكي  أن تكون  مركز صراع  بين المليشيات التكفيرية  التي تسعى وفق مصادر ومقاطع فديو  صورت وبثتها قناة المسيرة  الى الأعداد  لإشعال فتيل النزاع هناك.  وبحسب تلك المقاطع المصورة فان  مئات الافراد  بينهم أجانب   يقيمون معسكرات للتدريب  العسكري  وأظهرت مقاطع الفيديو  عسكريين  يرتدون  البدلة العسكرية التي كانت في السابق خاصة بالفرقة الاولى مدرع قبل الغاءها.

كل هذه المعطيات بالإضافة الى الاجتماع الموسع الذي عقدته الجماعات السلفية  أمس الاول في أحد المساجد بحي مسيك وهو الحي الذي يعرف بانه بؤرة  لعناصر ما يسمى بالقاعدة . وضم هذا الاجتماع الذي  بحسب شهود عيان حضرة المئات من المسلحين  أعضاء  ممن  يطلقون على انفسهم  مشائخ ووجهاء  صعدة  وهم  ممن شاركوا مع نظام صالح في كل الحروب على المحافظة

الحرب السابقة في دماج تداعياتها وملابساتها

بعيدا عن الوسائل الاعلامية التي  أراد ت تصوير حرب دماج العام الماضي  وتسويقه للرأي العام  على أنه  نزاع بين  (الحوثيين ) انصار الله وجماعة الشيخ السلفي الحجوري  وتقديمه  كما لو كان بمعزل عن أي أطراف اخرى،  بيد أن التمويل والتسهيل الذي كانت تقدمه المملكة العربية السعودية  جهارا نهارا  كان واضحا ومعلنا  بهدف  التشوية بالحوثيين  واعتبارهم  معتدون ويقومون بحصار  ( طلاب العلم في مركز دماج ) على رغم  التسليح الذي تبنته بعض الاحزاب السياسية والجماعات  السلفية المتشددة والتداعي الذي أخذ بشكل واضح  بتلابيب الفتنة المذهبية  وتلك الممارسات  كانت تكشف  كثيرا من الحقائق التي تشير الى  التدخل الخارجي  الذي يهدف إلى اذكاء صراع طائفي واشعل فتيل حرب أهلية  وهو  ما يخدم  مخطط  أمريكي أوروبي  كما اشرنا آنفا .

وحين لم  تجد الأطراف  المهندسة  لهذا السيناريو    تقدما بسبب الاستجابة المتكررة  ولدعوات التي قدمها أنصار الله لأنهاء  الازمة  وفضح  ادعاء  محاصرتهم  لمركز دماج  توقفت الحرب التي قتل فيها  العشرات  من الجانبين  عن طريق لجنة الوساطة القبلية التي عرفت  باتفاق الصلح  الذي تبناه الشيخ  حسين الاحمر  بعد تفويضه من كل من السيد عبدالملك الحوثي والشيخ الحجوري وينص الصلح على الاتي :

أولا: تثبيت وقف إطلاق النار ومنع تجدده وإخلاء المتاريس المسلحة.

ثانيا: إستبدال عناصر الأمن المتواجدين في نقطة الخانق بعناصر من القوات المسلحة على أن يكون من أفرادها من أبناء دماج أو صعدة.

ثالثا: تمهيد لعودة الأمور إلى ما كانت عليه في دماج والمحافظة، تتواجد عناصر مراقبة من قبائل بكيل وحاشد، في جبل البراق حتى عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه، وعدم استحداث أي مواقف عسكرية أو متاريس قتالية بين الطرفين.

رابعا: ضمان فتح جميع الطرقات وعدم الإعتراض وإيذاء الحوثيين من قبل طلاب دار الحديث وإخوانهم، وعدم الإعتراض وإيذاء الشيخ الحجوري وأهل دماج ومن إليهم من قبل الحوثيين وإخوانهم.

خامسا: إيقاف الحملات التحريضية من قبل الطرفين بكل صورها ووسائلها واحترام حرية المعتقد، والتأكيد على التعايش المذهبي والحياة الكريمة.

سادسا: التأكيد على أن المحافظ ومشائخ المحافظة الموقعين في الإتفاق آنف الذكر هم ضمناء على الطرفين بعدم الإعتداء أو الرجوع إلى المواقع والمتاريس المستحدثة بعد الأحداث والنقاط التي تم إخلاءها وأي اختلاف أو خلاف بين الطرفين يتم الرجوع إلى محافظ المحافظة وقائد محور صعدة لمعالجة الخلاف، والرفع إلينا بحسم أي خلاف وفيه وجيه ومشائخ همدان بن زيد وخولان بن عامر الموقعين على الإتفاق المشار إليه والواسطات المتعاقبة ومن حضر معنا من مشائخ قبائل حاشد وبكيل الذين هبوا لمنع الفتنة ووأدها

من درعا الى دماج

وصحيح ان هذا الصلح نجح في ايقاف  النزاع المسلح بين الطرفين  والتزم  الجميع بوقف اطلاق النار  لكن  تداعيات اخرى  وعوامل كانت مساهمة بدرجة اساسية  في اشعال الحرب ظلت تعمل بالشكل  الذي  يقود الجميع للعودة الى المواجهة  والوسائل لاعلامية  التابعة لحرب الاصلاح  كانت هي السباقة بامتياز في هذا المضمار  وهذا الانتقال من المواجهة الميدانية الى المواجهة الاعلامية  لم يكن يحدث  بشكل  عبثي  كما قد يتصوره البعض   بل  كان يحدث وفق خطوات مرسومة  جيدا  ضمن جدول  يبدأ  بالتضليل الاعلامي  الكبير  مرورا  بإدارة  مروحية التكفير   التي  تأتي  متزامنة  مع  الصراع  والنزاع  في سوريا  الذي سعت  وسائل  اعلام الاصلاح  والجماعات التكفيرية  الى عنو نته  تحت بند الحرب بين  الشيعة والسنة  وهو  ما اثبت  الواقع عكسه  فضلا  على العلاقة المعلنة  بين المسلحين في سوريا  بواشنطن وبالعواصم الاوروبية  التي  اشتركت في غزو العراق وقبله افغانستان.

 المخاض رقم 2

ومع الهزيمة التي لحقت بهم في سوريا  وسقوط مرسي  بفعل الثورة المصرية  التي قادتها " حركة تمرد"  والاحتجاجات  التي  اجتاحت  تركيا للمطالبة باسقاط أوردغان أبرز الداعمين  المسلحين  في سوريا  والتغيرات  في الخليج  كما حدث في قطر   عادت هذه النكسات المتوالية  الذي يخسر فيها بدرجة  اساسية  المخطط الامريكي الاسرائيلي الرامي الى صناعة شرق اوسطي  منهك ومتقاتل، عادت هذه القوى الى  تعويض هذه الخسارة  الى  فتح  سلاح الاغتيالات والتحريض  تحت دعوى  من بينها النزاع  على المساجد ومحاولة  جعلها مبررا لفتح  جبهة اقتتال  مع أنصار الله  وتسمية حلف النصرة  على غرار جبهة النصرة في سوريا  دليل واضح  على ارتباط هذا الجماعات ، بتلك  ان لم يكن  ارتباط  مباشر  فهو ارتباط  فكري  والملفت  أن الولايات المتحدة الامريكية  وهي الخبيرة وصاحبة العلاقة الوطيدة  بالمليشيات المسلحة  في سوريا  باتت تتصرف هنا في اليمن كما لو كانت تعرف مسبقا  ماذا سيحدث  وهي بالفعل على دراية كاملة  بنقاط التنفيذ مراحله الذي تريد تطبيقه في اليمن  والدليل أنها فبل أيام  من بث قناة المسيرة  لمقاطع الفيديو التي توضح  دخول مئات الاجانب الى صعدة بطرق غير  مشروعة عن طريق المملكة السعودية  اعلنت  لرعاياها في اليمن بمغادرتها  نظرا  لعدم الاستقرار الامني  في البلاد بحسب  تصريحاتها .

 في المقابل باتت الاغتيالات  والقتل  تحدث بشكل يومي  في انفلات أمني  متعمد  فغير معقول أن تكون وزارة الداخلية  غير قادرة على  التحرك لوقف هذا الانهيار الفظيع.  

يتوقف المرء مندهشاً أمام مشهد الدماء والأشلاء لمواطنين يمنيين يسقطون يومياً فالأمن القومي المكلف بحماية أبناء هذا الوطن يستقبل شهر رمضان بسفك دماء الشباب السلميين؟! ليس لشيء وإنما لأنهم تجرأوا و تظاهروا على بعد مئات الأمتار من سوره المبجل، وهذا المواطن اغتيل بمسدس كاتم أثناء مروره بسيارته، وهذا عقيد بالجيش تطايرت أشلاؤه نتيجة عبوة ناسفة زرعت بسيارته، وهؤلاء ثوار في ساحة التغيير تسفك دماؤهم في نهار شهر رمضان المبارك تقرباً إلى الله من الفاعلين!! وعندما ينظر المرء إلى ردود الأفعال لهذه الجرائم لا يلمس أي شيء مما كان يتخيل. وإذا أتيح لأحدنا أن يلتقي مسؤولاً عسكرياً يحادثه عن هذه المجازر لا يلمس لديه إحساساً بالذنب أو بالفظاعة، بل يفاجأ بسماع رده وهو يقول لا أدري، وكأن عمله الموكل به هو (لا أدري)..وكأننا قدر علينا أن نصبح ونمسي على أشلاء المواطنين منتظرين الدور الآتي علينا.

زر الذهاب إلى الأعلى